صنائع المعروف

maarouf

معنى المعروف وأهمية هذه العبادة : المعروف ـ المقصود هنا ـ هو فعل الخير وإسداؤه للعباد

صـورمن صنائع المعروف : يتم المعروف بفعل الخير سواء كان هذا الخير :

ـ مـالاً كالصدقة والإطعام وسقاية الماء وسداد الديون وإنشاء المؤسسات الخيرية التعليمية والتربوبية ،

ـ أو جــاهاً كما في الإصلاح بين المتهاجرين والشفعة وبذل الجاه ….،

ـ أوعــلماً، ويشمل العلوم الشرعية وغير الشرعية المفيدة لحياة الانسان … ،

ـ أو سائر المصالح التي يحتاجها الناس، كحسن المعاملة وإماطة الأذى وعيادة المرضى … إلخ.

تعريفات لصنائع المعروف من الحديث الشريف

1 ـ قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يصلون ويصومون ويحجون! قال : „وأنتم تصلون وتصومون وتحجون“ قلت: يتصدقون ولا نتصدق؟ قال:

„وأنت فيك صدقة، رفعك العظم عن الطريق صدقة ، وهدايتك الطريق صدقة ، وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة ، وبيانك عن الأرثم ـ الذي لا يبين الكلام ـ صدقة ، ومباضعتك امرأتك صدقة“

قال: قلت: يا رسول الله نأتي شهوتنا ونؤجر؟ قال :“ أرأيت لو جعلته في حرام أكان تأثم“ قال: قلت: نعم قال “ فتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير “ [أحمد ، حديث 20856]

2 ـ عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: „على كل مسلم صدقة “

فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد ؟

قال:“ يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق“ قالوا: فإن لم يجد ؟

قال:“ يعين ذا الحاجة الملهوف “ قالوا: فإن لم يجد ؟

قال:“ فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة“ [البخاري ح1445، مسلم ح1008]

3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ كل سلامى عليه صدقة كل يوم ،

يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة

والكلمة الطيبة ، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة

ودل الطريق صدقة “  [البخاري ح2891، مسلم ح1009]

هــام : يطلق كثير من الناس معنى العبادة على مايتعلق بحقوق الله فحسب ، ويغـفل عن باب آخر عظيم ، وهو ( حسن المعاملة مع العباد والإحسان إليهم ) .

أدلة فعل المعروف من القرآن الكريم

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [الحج:77]

فقـوله ـ وافعلوا الخيرـ أمر يشمل كل خير، صغيرا كان أم كبيرا ً ، صعبا كان أم بسيطا ً

وقوله تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} النساء:114

كذلك قوله سبحانه : {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} [البقرة:195]

أدلة فعل المعروف وصوره من السنة النبوية

1 ـ أحب الناس والأعمال إلى الله ـ عن ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله وتصف الأعمال أحب إلى الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أحب الناس إلى الله عز وجل أنفــعهم للناس ،

وأحب الأعمال إلى الله ســـرور تدخله على مسلم

أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ،

ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد (مسجد المدينة) شهراً

ومن كف غضبه ســتر الله عــــورته ،

ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة ،

ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام“

[رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسّن الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة ح906]

2 ـ طوبى لصانع المعروف ـ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

„إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير،

فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه“

[ابن ماجه ح237، وحسنه الألباني ، السلسلة الصحيحة ح1322]

3 ـ الوجه الطلق (غير العبوس) صدقة ـ عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

“ كل معروف صدقة ، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك “ [الترمذي ح1970، قال: هذا حديث حسن صحيح]

4 ـ ما سـُرق فهو صدقة لصاحبه ـ عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

“ ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سـُرق منه له صدقة ،

وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة

ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة“ [مسلم ح1552]

5 ـ إماطة الأذى من صناعة المعروف ـ عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

„الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ،

فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق،

والحياء شعبة من الإيمان“ .[مسلم ح35]

6 ـ الشفعة ( الوسـاطة) للغيرمن صنيع المعروف ـ عن أبي موسى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال:

“ اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء“ [البخاري ح1432، مسلم ح2627]

7 ـ كف الشر عن الناس صدقة ـ عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال:“ الإيمان بالله والجهاد في سبيله“ قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: “ أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً“ قلت: فإن لم أفعل؟ قال:“ تعين صانعاً أو تصنع لأخرق“ قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال:

„تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك“ [البخاري ح2518،مسلم ح84]

التحذير من ترك صناعة المعروف

ـ {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} [الماعون:4-7]

ـ {ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين } [المدثر:41-44]

ـ {ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم ههنا حميم ولا طعام إلا من غسلين} [الحاقة:34-35]

 

ـ ترك المعروف ولو فضل الماء ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

“ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم “ فذكر منهم ـ ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك“ [البخاري ح2369]

ـ ترك المعروف ولو للحيوان ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“ دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض“ [البخاري ، مسلم]

الأنبياء وصناعة المعروف

الأنبياء هم أسرع الناس إلى طاعة الله، فهم الذين قضوا حياتهم في دعوة الناس وهدايتهم إلى خيرهم، إذ حياتهم كلها بذل وتضحية ومعروف. فهذا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، بلغ هذه المنزلة بصناعته للمعروف ، فقد روى البيهقي في الشعب بسنده إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

„يا جبريل لِم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال لإطعامه الطعام يا محمد“ [الدر المنثور 2/706]

وهذا موسى عليه السلام الذى قام بمهمة السقاية للفتاتين دون أجر، وهو ذو حاجة ، من باب صنع المعروف لوجه لله كما ورد فى كتاب الله العزيز:

{ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير} [القصص:23-24]

وقال الله على لسان عيسى عليه السلام : {وجعلني مباركاً أينما كنت} [مريم:31]

روى أبو نعيم وغيره بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في تفسيره للآية:

„جعلني نفـاعاً للناس أين اتجهت“ {الدر المنثور5/509}

أى كثير النفع فى كل وقت وفى أى مكان فلا يفـترعن صنائع المعروف بحال من الأحوال

وكذا كان نبينا محمـد ، وهو إمــام صنـّاع المعروف قاطبة ، صلى الله عليه وآله وسلم ،

قيل لعائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد ؟

قالت: “ نعم .. بعد ما حطمه الناس“ أي بكثرة حوائجهم [مسلم ح732]

صور من صناعته للمعروف صلى الله عليه وسلم

ـ رأفته بالجمل فعن عبد الله بن جعفر قال: دخل صلى الله عليه وسلم حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فقال: “ من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ “ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله فقال:

“ أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه “ [أبو داود ح2549] ـ وشفاعته لمغيث عند زوجته السابقة بريرة ، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أن زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث ، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: “ يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ، ومن بغض بريرة مغيثاً “ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ لو راجعتِه “ قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: “ إنما أنا أشفع“ قالت: لا حاجة لي فيه“ [البخاري ح5283]

وقد صدق الشاعر حين قال عنه صلى الله عليه وسلم:

تراه إذا ما جئته متهللاً    كأنما تعطيه الذي أنت سائله

لولم يكن في كفه إلا روحه   لجاد بها فليــتق الله سائله