الاخلاص لله تعالى وحده

Masjed

الحمد لله ثم الحمد لله الحنان المنَّانِ، واهب النعم جزيلِ الإحسان ، علام الغيوب ، وغفار الذنوب ستار العيوب ، يكافئ بالنوايا ويعلم الخفايا

وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقِه وحبيبُه، صلى الله عليه وعلى آلِه الطاهرين المباركين وأصحابِه المنتجبين ، وعلى التابعين و التابعين لهم باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

اما بعد ايها الاحبة الكرام اوصيكم ونفسى الخاطئة بتقوى الله في السر والعلن لقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴿١﴾ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ

حكى أن ملك من الملوك أراد أن يبني مسجداً في مدينته وأمر أن لا يُشارك أحد في بناء هذا المسجد .. لا بالمال ولا بغيره حيث يريد أن يكون هذا المسجد هو من ماله الخاص فقط دون مساعدة من أحد وحذر وأنذر من ان يساعد احدٌ في ذلك.

متمثلا قول النبى صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدآ ولو مفحص قطا بنى الله له بيتآ في الجنّة.

وفعلاً تم البدء في بناء المسجد ووضع اسمه عليه وفي ليلة من الليالي رأى الملك في المنام .. كأن ملك من الملائكة نزلَ من السماء فمسح اسم الملك عن المسجد وكتب اسم امرأة ، فلما أستيقظ الملك من النوم .. أستيقظ مفزوع وأرسل جنوده ينظرون هل اسمه مازال على المسجد فذهبوا ورجعوا وقالوا : نعم .. اسمُك مازال موجوداً ومكتوباً على المسجد
وقال له حاشيته : هذه اضغاث أحلام !  أى لا تلتفت الى ما رأيته من منام أزعجك.

وفي الليلة الثانية .. رأى الملك نفس الرؤيا .. رأى ملك من الملائكة ينزل من السماء فيمسح اسم الملك عن المسجد ويكتب اسم إمراة على المسجد .. وفي الصباح استيقظ الملك .. وأرسل جنوده .. يتأكدون هل مازال أسمه موجود على المسجد ؟.

فذهبوا وعادوا ليخبروه .. أن اسمه مازال هو الموجود على المسجد !
تعجب الملك ولكنه بدأ الشك والاضطراب يداخلانه فلما كانت الليلة الثالثة .. تكررت الرؤيا ..

وهنا نذكر معلومةذكرها الشيخ طارق السويدان بأن الرؤيا الصالحة من الله وهى ما تكررت، قال تعالى علي لسان ابراهيم صلى الله عليه وسلم  : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.

فلما قام الملك من النوم .. قام وقد حفظ اسم المرأة التي يُكتب اسمها على المسجد .. بدلا من اسمه،
أمر با أحضار هذه المرأة ، وكانت امرأةً عجوز .. فقيرة فلما اوقفت بين يديه اخذت ترتعش ..

فسألها : هل ساعدت في بناء المسجد الذي يبنى ؟..

قالت : يا أيها الملك .. أنا أمرأة عجوز وفقيرة وكبيرة في السن .. تعني انها لاتملك من المال والقوة التى تساعد بهما في بناء المسجد..

وتكمل وتقول وقد سمعتك تنهى عن أن يساعد أحد في بناءه .. فلا يمكنني أن أعصيك ..

فقال لها : أسألك بالله ماذا صنعت في بناء المسجد ؟
قالت : والله ما عملت شيء قط في بناء هذا المسجد ، إلا ..

قال الملك : نعم إلا ماذا ؟

قالت : إلا أنني مررت ذات يوم من جانب المسجد .. فإذا أحد الدواب التي تحمل الأخشاب وأدوات البناء للمسجد مربوط ٌ بحبل الى وتد في الأرض .. وبالقرب منه سطل ( أى وعاء به ماء ..)
وهذا الحيوان يريد ان يقترب من الماء ليشرب .. فلا يستطيع .. بسبب الحبل .. والعطش بلغ منه مبلغا شديدا ً .. فقمت .. وقربت سطل الماء منه .. فشرب من الماء .. هذا والله الذي صنعت ..

انظروا الى ما فعلته هذه العجوز من عمل .. فقط  قربت سطل الماء من الحصان الحيوان ليشرب

فقال الملك : اييييه .. عملتي هذا لوجه الله .. فـَقبـِل الله منك .. وأنا عملت عملي ليقال مسجد الملك .. فلم يقبل الله مني ..
فأمر الملك أن يكتب اسم المرأة العجوز على هذا المسجد ..

ايها الاخوة كان عمل المرأة قليلا وبسيطا وغير مكلف ولكن اجتمعت فيه النية الخالصة لله وحده .. لم تعمله رياءا ليراها احد ولم تعمله لأجل مال تؤجر عليه ولكن لوجه الله ، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ  وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴿٥

كذلك اجتمعت في عملها لوجه الله الرحمة بالحيوان البهيم ، فقد رحمت ضعفه عن عدم استطاعته الوصول الى الماء ليشرب ورحمت معاناته الشديدة من العطش جراء المجهود الشاق من حمل الأخشاب فنالت رضى الله عز وجل بهذبن الامرين على عمل قليل وبسيط.

قالل رسول الله صلى الله عليه وسلم : الراحمون يرحمهم الرحمن، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

وقال ايضا: لا تُنزع الرحمة إلا من شقي ،  وقال كذلك : من لا يرحم ِالناس لا يرحمْه الله

فأين نحن من الاخلاص لله وعدم الرياء .. أفرادا وجماعات .. وشعوبا وقيادات .. وملوكا ورؤساء

أين نحن من الرحمة التى غابت معانيها وقيمتها عن معظم البشر عن الوالدين والرحم والجيران والمسلمين حتى طال الاذى بالبهائم العجماوات

فلنرجع جميعا الى الله فرادى وجماعات ولنتقى الله افرادا ً ومؤسسات ، شعوبا وحكومات لنستمطر من الله الرحمات ولنرجوا عفوه ورضوانه ونصره القريب