نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام

Isa_Titel

لم يكن المسلمون في عصر من العصور أحوج لتصحيح المعتقد في أمور الألوهية والرسالة والنبوة مما يتعلق بعيسى عليه السلام من هذا العصر الذي نعيشه ، لأن هذه القضايا ستتفاعل قريباً ، وستحتاج إلى الفهم السديد دون تحريف الغاليين أو انتحال المبطلين.

لقد اتفق الكتابان ( التوراة والإنجيل ) معاً ليكِّونا عند النصارى عقيدة لا تتزحزح عن عودة المسيح ابن مريم إلى الأرض في آخر الزمان ، وعلى رأس ألفية (ولا دليل على ذلك فقد ينزل على رأس ألفية وقد ينزل في ثناياها ) ، وزاد النصارى على ذلك في معتقدهم أن اليهود الذين سيكونون قد تجمعوا في القدس قبل عودة المسيح عليه السلام سيتنصرون هناك عند عودته ، ويعتقد النصارى أن هناك عدواً كافراً سيخرج قبيل عودة عيسى عليه السلام ، وأنه سوف يكون من اليهود ، وأكثر أتباعه من اليهود وأنه سيسود العالم كله ، ولكنهم مع ذلك يؤمنون بأن عيسى عليه السلام سينـزل في غمرة فتنة الدجال ليخلص العالم منه ومن معه من يهود أيضاً..

ونحن أهل الإسلام لا نشك أن اليهود بمجموعهم سيكونون طليعة أنصار الدجال فهو منهم وإليهم وخاصة يهود الشرق الذين سيخرج فيهم.

قال ابن تيمية رحمه الله : „اليهود يتأولون البشارة بالمسيح على أنه ليس هو عيسى ابن مريم ، بل هو آخر ينتظرونه ، وهم في الحقيقة إنما ينتظرون المسيح الدجال ، فإنه الذي يتبعه اليهود ويخرج معه سبعون ألف مطيلس من يهود أصبهان“

أما النصارى فعلى الرغم من أنهم يزعمون أنهم سيكونون في جيوش المسيح الحق ضد المسيح الدجال ، فالله يعلم أنهم ـ بجميع طوائفهم ـ هم الذين هيأوا أنفسهم لكي يكونوا أول المصدقين بالدجال!!

أليس هم الذين اعتنقوا عقيدة أن المسيح عيسى عليه السلام هو الإله القادر على كل شيء ؟!

والمسيح الدجال سيقول أنا المسيح الإله القادر على كل شيء !!

ونحن أهل الإسلام لا نشك في خروج الدجال ، وإن كنا لا نعلم موعده ، ولكن مقصودنا هنا التنبيه على أن اليهود والنصارى يستعدون لخروجه ، ومع ذلك فهو مسيح الضلالة الذي يعاقب به ، الذين تكبروا عن الإيمان بمحمد سيد الرسل عليه صلوات الله وسلامه ، وفضلوا أن يبقوا على ديانات منسوخة ؛ ومحورة بالافتراء على الله والكذب على أنبياء الله.

يقول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [ آل عمران: 71]

وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [ آل عمران: 187]

أخي المسلم: لعلي أن ألخص لك عقيدة أهل السنة والجماعة في عيسى عليه السلام حتى تكون على بينة من أمرك فأقول وبالله التوفيق:

1 ـ إن أهل الإيمان يؤمنون بعيسى عليه السلام وأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول قال تعالى: { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء : 171]

2 ـ أن الله تعالى رفعه إليه بروحه وجسده ، وأنه حي الآن في السماء ، ولم يقتل ولم يصلب قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ۚ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 -158]

3 ـ سينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان والله أعلم متى نزوله روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، وزاد في رواية وحتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها»

4ـ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن صفته في أحاديث منها ما رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس بيني وبينه نبي ـ يعني عيسى ـ وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربوع ، إلى الحمرة والبياض ، ينزل بين ممصرتين ، كأن رأسه يقطر ، وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويُهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك المسيح الدجال ، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون»

5 ـ بين النبي صلى الله عليه وسلم أين ينزل كما جاء في البخاري وغيره بأنه سينزل عند المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق ، لا كما يظنه النصارى بأنه سينزل عند البوابة الشرقية في القدس القديمة ( الباب الذهبي ) وقد وضعوا هناك آلة تصوير حية لنقل نزول المسيح عليه السلام للعالم كله.

6 ـ سينزل عليه السلام وعليه مهرودتان ـ أي ثوبان مصبوغان بورس ثم زعفران ـ واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه .

7 ـ يكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق ، وتكون مجتمعة لقتال الدجال ، فينزل وقت إقامة صلاة الفجر ، يصلي خلف أمير تلك الطائفة.

8 ـ يحكم عيسى عليه السلام بشريعة الإسلام ، ويكون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه لا ينزل بشرع جديد ، لأن دين الإسلام خاتم الأديان ، وباق إلى قيام الساعة ، لا ينسخ ، فيكون عيسى حاكماً من حكام هذه الأمة ، ومجدداً لأمر الإسلام ، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم .

9ـ سيكون على يديه قتل الدجال فعندما يعلم الدجال بنزوله يهرب فيلحقه نبي الله إلى بيت المقدس فيدركه وقد حاصر عصابة من المسلمين ، فيأمرهم عيسى بفتح الباب فيفعلون ويكون وراءه الدجال فينطلق هارباً فيلحقه نبي الله فيدركه عند باب اللد الشرقي [اللد بلدة مشهورة من أعمال فلسطين ، بينها وبين رملة فلسطين مقدار فرسخ إلى جهة الشمال ] ، فيقضي عليه وعلى من معه من يهود ، وبعد أن يقضي على الدجال يخرج يأجوج ومأجوج فيفسد هؤلاء القوم في الأرض فساداً كبيراً، فيتضرع نبي الله إلى ربه فيهلكهم شر هلكة ..

10ـ ولقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن مدة بقاء نبي الله عيسى عليه السلام في الأرض أربعون عاماً ، ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح .

أخي المسلم : إن اليهود والنصارى يتعجلون اليوم أمر الساعة أكثر من أي يوم مضى ، ولا ندري ما هي الأقدار المخبأة وراء تلك العجلة .

إن أهل الإيمان الحق ليسوا على عجلة من أمرهم في شيء ؛ وهم يعلمون أن الله لا يعجل بعجلة الناس ، ويعلمون أن أمر الساعة شيء عظيم ، ولهذا فهم لا يتعجلونها ولا يتعجلون أماراتها ، لأنهم يخشون الابتلاء والفتنة ولا يعرف أحدهم هل ينجو في أيام الفتن والملاحم فيكون من المهتدين ، أم يسقط في الفتنة إذا أشرأبت له فيكون من الهالكين عياذا بالله ، وما أهل الإيمان وأهل الكتاب والساعة إلا كما قال الله عز وجل: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [الشورى: 18] .

رابط المادة: http://iswy.co/e49v2