البــر بالوالدين

أما بعد فموضوع اليوم بعنوان .. البــر بالوالدين

يقول المولى عز وجل:“ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿٢٣﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴿٢٤﴾ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا“.

ايها الاخوة ، البر بالوالدين لا ينتهي بموتهما فلا بد أن يكون موصولاً ، براً بهما وتقرباً الى الله زلفى

واليك أخي الكريم نماذج ساطعة راقية من الصحابة والتابعين والصالحين للبر بالوالدين

** كان أبو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا، وهو الملقب بزين العابدين، ومن سادات التابعين ، كان كثيرَ البرِ بأمه ، حتى قيل له : إنك من أبر الناس بأمك، ولا نراك تؤاكل أمك ، فقال : أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه ، فأكون قد عققـتها .

** أما عن ابن سيرين التابعي الكبير والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، وكان محدثًا فقيهًا إمامًا غزير العلم،

قال بعض آله : ما رأيت محمد بن سيرين يكلِّم أمَّه قط إلا وهو يتضرع ، وكان إذا كان عند أمه لو رآه رجل ظن أن به مرضاً وهكذا يكون عند أمه.

** وكان أويساً القرني : وهو من سادات التابعين ، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ولكنه لم يلقه ، أتعرفون لماذا؟ لقد منعه برُه بأمه من السفر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حكاه أبو نعيم في الحلية

** ومن البارين بوالديهم بُندار المحدث، قال عنه الذهبي: جمع حديثَ البَصرةِ، ولم يرحل، براً بأمه. قال عبد الله بن جعفر المروزي: سمعت بنداراً يقول : أردت الخروج – يعني الرحلة لطلب العلم – فمنعتني أمي ، فأطعتها ، فبورك لي فيه أى في العلم.

** عن أبي مُرَّة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ ( العقيق ) فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا أماه ، تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يقول : رحمك الله كما ربيتني صغيرًا ، فتقول : يا بني ! وأنت فجزاك الله خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرًا.

** وقيل لعمر بن ذر كيف كان برُّ ابنك بك ؟ قال : ما مشيت نهاراً قط إلا مشى خلفي، ولا ليلاً إلا مشى أمامي، ولا رقى سطحاً وأنا تحته.

** وعن ابن عون المزني أن أمه نادته، فأ جابها، فعلا صوتُه صوتَها فأعتق رقبتين.

واليكم نماذج أخرى للبر بهما بعد موتهما

** لقىَ عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما رجلا من الأعراب بطريق مكة، فسلم ، وحمله على حمار كان يركبه ، وأعطاه عمامة ً كانت على رأسه. قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وهم يرضون باليسير .. فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان وُداً لعمر ابن الخطاب – رضي الله عنه – وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أبرَّ البر صلةُ الولدِ أهلَ وُدِّ أبيه.

** قال عامر بن عبد الله بن الزبير: مات أبي فما سألت الله حولاً كاملاً إلا العفو عنه .. الله اكبر

أيها الاحبة .. هناك معاني سامية وتعاريف راقية للبر

% فالبر : ليس مجرد قبلة تطبعها على رأس أمك ، أو أبيك ، أو على أيديهما ، أو حتى على قدميهما فتظن أنك بلغت غاية رضاهما !

% البر هو : أن تستشف مافي قلب والديك ، ثم تنفذه دون أن تنتظر منهما أمرا، او طلبا ً !

% البر هو: أن تعلم مايسعدهما ، فتسارع إلى فعله ، وتدرك مايؤلمهما ، فتجتهد أن لايرونه منك أبداً!

% البر : أن تحرص على راحة والديك ، ولو كان على حساب سعادتك!

% البر هو : أن تفيض على أمك وابيك من مالك ، ولو كانا يملكان الملايين ، دون أن تفكر كم عندهم ، وكم صرفوا ، وهل هم بحاجة أم لا ، فأنت ومالك لابيك كما جاء بالحديث الشريف!

% البر هو : أن تبحث عن راحتهما ، فلا تسمح لهما ببذل جهد من أجلك!

وأخيرا …

% البر هو : استجلاب ضحكتهما ، ولو غدوتَ في نظر نفسك مهرجاً !

ــ كثيرة ٌ هي طرق البر المؤدية  الى الجنة ، فلا تحصروها بقبلة ، قد يعقبها الكثير من التقصير !

ــ إعلم اخي الحبيب أن بر الوالدين ؛ ليس مناوبات وظيفية ، بينك وبين إخوانك ، بل مزاحمات على أبواب الجنة ، فهذه حقيقة يغفل عنها الكثير

أقول قولي هذا