عاشق بيوت الله المهجورة

alte_Moscheen

أيها الاخوة الافاضل موضوعنا بمشئية الله تعالى هى قصة حقيقية لعاشق لبيوت الله المهجورة

يقول راوى القصة ذات يوم واثناء عودتي بعد صلاة الجمعة مع خالي ظهـر لنـا مسـجدٌ مهجـورٌ كنَّـا قد مررنـا بـه سابقـاً و كـلُّ مـن يمـرُّ بالطريق هذه يستطيع أن يراه ، ولكني حينما مــررت بجـانب المسـجد و أمعــنت النَّظــر فيـه .. لفـت انتبـاهي شـئٌ مـا وهو وقوف سـيَّارة فورد زرقاء اللَّون فسألت نفسى .. ما الذي أوقف هذه السّيارة هنا ؟ ودفعني حب الاستطلاع الى ان ارجع بالسيارة تجاه المسـجد.

سـألني خالي الى أين ؟ افقدت شيئا ؟ أتذكرت أمرا ما أو موعدا مع أحد؟ قلت: لا .. لا .. فقط أريد التحقق من أمر شغلنى.

أوقفنـــا السَّـــيَّارة ودخلنـا المسجد المهجور ، و إذا بصـوتٍ عالٍ يرتل القـرآن ويقرأ من سورة الرَّحمــن ، فخطــر لي أن ننتظــر في الخـارج و أن نســتمع لهــذه القـراءة ، لكن قد بلغ بي الفضـول مبلغه فلم انتظر الا قليلا ثم دخلت انا وخالى المسجد وإذا بشابٍّ وضع سـجَّادةَ صلاةٍ على الأرض وفي يده مُصحفٌ صغـــيرٌ يقـــرأ فيــه ولم يكن هناك أحدٌ غيره .

نعم لم يكــن هنـاك أحـدٌ غــيره .

فقلت : السلام عليكم ورحمة الله و بركاتـــه ، فنظـر إلينــا وكأنَّنــا افزعنــاهُ مـــع استغـرابه من حضـورنا .

ثم قال : و عليكـم السَّـلام ورحمة الله و بركـاتـه .

ســألتُهُ صلَّيت العصــر؟ قال : لا .. قلـت لقـد دخل وقـت صلاة العصر و نـريــد أن نُّصـلِّي، ولمـا همَـمْـتُ بإقـامــة الصَّــلاة وجــدت الشَّـاب ينظــر نـاحيــة القبلـة و يبتسـم.

لمـن و لمـاذا ؟ بالطبع لا أدري .. و سـمعت الشَّــاب يقول جملـةً وكأنه يكلم أحدا .. قال:

أبشـر و صلاة جمـاعـة أيضاً .. نظـر إليَّ خالي مُتعجِّباً . فتجـاهلت ذلك ثم كـبَّرتُ للصَّلاة وكل فكرى مشغولٌ بهذه الجـملة.

فمن يُكلِّم وليس معنا أحد ؟ المســجد كــان فـارغاً مهجــوراً .. أبه مسٌ أو جنــون ؟ وبعــد الصـلاة .. نظـرتُ للشَّــاب و كــان مــازال مســتغرقاً في التســبيح ثم ســألتُه كيـف حالك يا أخي ؟ فقـال : بخــير و لله الحـــمد .

قلت له : سامحك الله … لقد شغلتني عن الصَّلاة ؟ سألني لماذا ؟

قلـت و أنـا أُقيـمُ الصَّلاة ســمعتك تقـول أبشـر .. و صــلاةُ جمـاعةٍ أيضـاً.

ابتسم و ردَّ قـائلاً و ماذا في ذلك ؟ قلـت لا شىء و لكـن مع مـن كنت تتكـلَّم ؟

فعاود الابتسـامة ثـم نـظـر لـلأرض وسـكت لحظـات و كأنَّه يُـفـكِّـر هــل يخـــبرني أم لا ؟

تابعـت قائلاً ما أعتقـد أنَّ بك جنون .. لقد صليت معنـا ويبدو ما بك من بأس .. ما شاء الله.

نـظـــر لـي … ثم قـال كـنت أكلِّــمُ المســـجـد .. لقد وقعت كلماتُـهُ هذه عليَّ كالصاعقة.

قلــتُ لــه كــنتَ تكلِّـــم المسـجد ؟ وهـل ردَّ عليك المسـجد ؟ وكأنى أختبر قواه العقلية ..

تبسَّـم ثم قال : و هـل تتكلَّـم الحجــارة ؟ فهــذه مُجــرَّدُ حِجــاره.

تبسَّمتُ و قلـتُ كـــلامُك صحيح و طالما أنَّها لا تردُّ و لا تتكلَّم … لِمَ تُكلِّمُها ؟ نظــر إلى الأرض فــترة وكــأنَّه مــازال يُفـكِّر … ثـم قــال دون أن يرفــعَ عينيــه أنـا إنســان أحـبُّ المساجد كلما عـثرتُ على مسـجدٍ قديمٍ أو مُهـدَّم أو مهجــور أفكـــر فيـــــه أفكـر عندمـا كان النَّــاس يُصلُّون فيه وأقول لنفسي .. يــا الله كم هـذا المسـجد مشـــتاق لأن يصلي فيـه أحـد ؟

كـم يحــنُّ لذكــر الله … أحس بأنَّه مشتاقٌ للتَّسبيح و التَّهليـــل و يتمنى لـو آيـةً واحـدةً تهـزُّ جُدرانـه وأحس بأن المسجد يشعر أنه غريب بين المساجد و يتمنَّى أن يُصلى فيه ركعــة .. و لــو سجدةً لعابر سبيلٍ يقـــول الله أكـــبر … فـأقـــول لنفسـي و الله لأُطفِـــئَّن شـــوقـك .. و الله لأُعـــيدنَّ لك بعـض أيَّامــــك ..

فأدخــل فيــــه و أصـلِّي ركعتــين لله ثمَّ اقـرأُ فيـه جُـــزءًا كاملاً مـن القـرآن الكـريم … لا تقـــل أنَّ هـــذا فعـلٌ غـريب .. لـكنِّـي و الله أحـبُّ المسـاجد .. دمعـت عينــاي و نظـرتُ في الأرض مثلـه لـكي لا يلحظ دموعي مـن كلامه . من إحساسه .. من أسلوبه .. من فعله العجيب .. من رجـــلٍ تعـــلَّق قلبـه بالمســــاجد…

سلَّمت عليه و قلـتُ له : لا تنسـاني مـن صالح دعائــك .. قال لى: أتدري بمـاذا أدعُ دائمـاً وأنـا أغـادر هـذه المساجد المهجـورة بعد أن أصـلِّي فيهــا ؟

أقول: اللهــــمَّ يـا رب إن كـنت تعلـم أنِّي آنسـت وحشـةَ هـــذا المسـجد بذكــركَ العظيـــم وقرآنك الكريم لوجهـك يا رحيــم  فآنس وحشـــة أبي و أمي في قبـــورهم وأنت أرحـــم الـــرَّاحمين ..

نعم .. لقد أثبت الله تعالى لهذا الشاب المؤمن إيمانه حين قال في كتابه العزيز:

“ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّـهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴿١٧﴾ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّـهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَـٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ.“

بل توعد اللهُ سبحانه وتعالي من عطل الصلوات في المساجد وسعي في خرابها قائلا:

“ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّـهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ“

وقد شدد اللهُ عز وجل علي حرمة المساجد فحرم القتل فيها استمع لقوله عز من قائل:

“ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ، فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.“

وكذلك منع العلاقات الحميمية بين الزوجين فيها وان كانت حلالا فقال :

“ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ“

لذلك وجب علينا الاهتمام بالمساجد والعناية بعمارتها ونظافتها ومراعاة احكام الشرع فيها من آداب وسلوك وفي معاملاتنا فيها طاعة لله عز وجل وامتثالا لاوامره عسى ان نكون من المفلحين الفائزين اللهم آمين.

منقول