„فرسان الهيكل |المعبد“

● الدولة اللغز ، وتدعى „فرسان الهيكل“ ، أو „فرسان المعبد“ ، الدولة التي تعترف بها الأمم المتحدة وتمنحها عضويتها، في حين لا وجود لها على خريطة العالم، فهي بلا أرض ولا حدود ، ولا شعب ولا حكومة، بل مجرد منظمة عسكرية ،اسمها „منظمة فرسان مالطة العسكرية“ ● وعلى الضفة الأخرى من عالمنا العجيب ، نجد دولة أخرى اسمها „#فلسطين“، عمرها آلاف السنين، لها أرض وحدود، و شعب بالملايين وتاريخ عريض، ومع ذلك لا تحظى باعتراف الأمم المتحدة! فكيف حدث ذلك؟! قد نفهم انحياز الأمم المتحدة لرغبة أمريكا في استمرار وجود الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين، وطمس الحق الأصيل لأصحاب الأرض الحقيقيين ، لكن لماذا الاعتراف بمنظمة عسكرية، كدولة؟! ● الحكاية من أولها : بدأت جماعة فرسان مالطا عام 1070م، كهيئة خيرية، أسسها بعض التجار الإيطاليين، لرعاية مرضى الحجاج المسيحيين في مستشفى (القديس يوحنا) ببيت المقدس، إلا انه عندما قامت الحروب الصليبية الأولى 1097م، وتم الاستيلاء على القدس أنشأ رئيس المستشفى „جيرارد دي مارتيز“ تنظيماً عسكريا منفصلاً أسماه „رهبان مستشفى القديس يوحنا“ وبحكم درايتهم بأحوال البلاد قدموا مساعدات كبيرة للصليبيين، وتوطوا في مجازر بحق المسلمين هناك. حتى قيل: إن الفضل في بقاء مدينة القدس في يد الصليبيين يعود بالأساس إلى هؤلاء المرتزقة أي „فرسان الهوسبتاليين“ ومعهم بالطبع تنظيم „فرسان المعبد“. وبعد هزيمة الصليبيين في موقعة حطين عام 1187م على يد „صلاح الدين الأيوبي“ هربوا إلى أوروبا، وكان نصيب فرسان الهوسبتالية هو الذهاب إلى قبرص 1291م. ومن قبرص استمروا في مناوشة المسلمين عن طريق القرصنة ضد سفنهم، ثم قاموا باحتلال جزيرة „رودس“ وأخذوها من المسلمين، وفيها ازدادت قوتهم خاصة بعد أن تم حل تنظيم „فرسان المعبد“ وآلت بعض ثرواته للهوسبتاليين، لذا فجماعة „فرسان مالطة“ ينظر إليها على أنها الوريث الشرعي لتنظيم „فرسان المعبد“. وبعد استيلاء الأتراك المسلمين على „رودس“ استسلم الهوسبتاليون وهاجرت فلولهم إلى إسبانيا وإيطاليا، إلى أن منح الملك „شارك كنت“ للهوسبتاليين السيادة على جزيرة مالطا في 1530م، مما أدى إلى تغيير اسمهم إلى „النظام السيادي لفرسان مالطا“ ومنها جاء اسمهم الحالي. وبقيام الثورة الفرنسية 1789م، فقد الفرسان الصليبيون ممتلكاتهم في فرنسا وإيطاليا، وانتهى بهم الأمر بفقد مقرهم في جزيرة مالطا نفسها وطردهم منها على يد نابليون، وفيما بعد قرر كونجرس (فاليتا) عاصمة مالطا إسناد إدارة الجزيرة للإمبراطورية البريطانية، لذا فدولة مالطا الحالية لا علاقه لها مطلقا بفرسان مالطا، و بقي المقر الرئيس للمنظمة في العاصمة الإيطالية „روما“، ويرأس الدولة الأمير البريطاني „فرا أندرو برتي“ الذي انتخب عام 1988م، ويلقب ب“السيد الأكبر“ ويقيم في روما ولا تنتهي ولايته إلا بالوفاة، وهو يعامل كرئيس دولة بكامل صلاحيته. وينص القانون الدولي على سيادة „دولة فرسان مالطا“ كما أنها مراقب دائم في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وتدار الأنشطة المختلفة للمنظمة عن طريق ستة أديرة رئيسة و47 جمعية وطنية في خمس قارات، ومنظمة „فرسان مالطا“ ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع 104 دولة، منهم 16 دولة إسلامية وثماني دول عربية، منهم مصر والمغرب وموريتانيا والأردن ولبنان. ويعود الفضل في إنشاء سفارتهم بمصر الى „شمعون بيريز“ رئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق الذي طلب من الرئيس „السادات“ إقامة علاقات رسمية مع المنظمة، والمفارقة هنا أن إسرائيل نفسها لا تقيم معها علاقات رسمية، وقد تأسست سفارة „فرسان مالطا“ في العام 1980م ، وتقع السفارة داخل مبنى قديم بشارع هدى شعراوي بالقاهرة وغير مسموح بالاقتراب منه، والغريب أن سفيرهم يطلق عليه لقب المستشار العسكري. ومع أن تنظيم الفرسان اختفت أخباره منذ العصور الاستعمارية القديمة، إلا أنهم عادوا بقوة في أوائل التسعينيات بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الشيوعية، حيث أصبح الاسلام والمسلمين بدلاً من الشيوعية والشيوعيين هو الخطر الأكبر على الحضارة البشرية حسب الاطروحات الليبرالية الجديدة،والتي بشرّ بها „فرانسيس فوكومايا“ و „صموئيل هتنجتون“ عن نهاية التاريخ وصراع الحضارات. حيث أعلنوا أن صداماً لا مفرّّ منه قادم بين الاسلام والحضارة الغربية المسيحية،ودعوا للتصدي للخطر الجديد „الإسلام“ بكافة الطرق ومنها العسكرية. لذا ففي أوائل ديسمبر 1990م عقدت منظمات الفرسان الصليبية اجتماعًا في جزيرة مالطا ، هو الأول من نوعه، منذ أخرجهم نابليون بونابرت منها، وبلغ عدد الحاضرين حوالي خمسمائة معظمهم من القساوسة ، اتفقوا على خلق وجود قوي لهم في العديد من مناطق النزاع العربي الإسلامي تحت غطاء تطوعي تنصيري. ولذلك فإن منظمات الإغاثة الصليبية في مناطق ملتهبة مثل جنوب السودان كثير منها مرتبط بهم ويقومون بدور كبير في تنصير المسلمين هناك، كما تشكل منظمتهم العنصر الداعم للمتمردين على الحكومات العربية والإسلامية، وكان لهم دور كبير في انفصال جزيرة „تيمور الشرقية“ عن „إندونيسيا الإسلامية“. ■ الخطير أن دورهم التنصيري لا ينفصل عن الدور الخيري!! وفي العراق : حينما سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تخفيف عبء هجمات المقاومة العراقية على قواتها ، جلبت معها أعداد كبيرة من المرتزقة الأجانب ، وتحولت بغداد إلى عاصمة عالمية لشركات الأمن الخاصة ومنها شركة „بلاك ووتر“ والتي كانت تمثل غطاء لفرسان مالطا الصليبيين. حيث كانت السياسة الجديدة لأباطرة الحرب في إدارة بوش الرئيس الأمريكي السابق هي „خصخصة الحروب“ بهدف التغطية على خسائر الجيش الأمريكي، وأفضل الوسطاء هنا هم أحفاد الصليبيين القدامى والذين يتسترون تحت غطاء دولة وهمية تسمى بدولة „فرسان مالطا“ ونشاطهم المعلن هو نشاط خيري، وعدوهم الأبدي هو الإسلام والمسلمين. ● العجيب أن „فرسان مالطا“ هي واحدة من المنظمات التي وجهت لها أصابع الإتهام في أحداث قتل المتظاهرين إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، حينما كان „عبد الفتاح السيسي“ قائدا عاما للمخابرات العسكرية وقتها. حيث أدلى قائد الحرس الجمهوري السابق „أيمن فهيم“ ، بشهادته في قضية „محاكمة القرن“ مشيرًا إلى أن السيارتين الدبلوماسيتين المسروقتين، اللتين تم رصدهما تقومان بدهس المتظاهرين في محيط ميدان التحرير، كانت بقيادة أعضاء من „سفارة فرسان مالطا“. مما يعزز القول بأن تلك الدولة الوهمية هي الغطاء الدائم لعمليات قذرة يقوم بها جنود مرتزقة لصالح أجهزة إستخبارات دولية. ● الأعجب من ذلك ، أنه وبعد ثبوت تورط منظمة „فرسان مالطة“ في أحداث قتل المتظاهرين المصريين ، وأثناء تحقيق النائب العام الراحل „هشام بركات“ في بلاغ حمل رقم 6212 لسنة 2014 يطالب بغلق السفارة لخطرها على الأمن العام ، كان واحدا من أولى قرارات قائد الإنقلاب المصري „عبد الفتاح السيسي بعيد شهور قليلة من توليه الرئاسة عام 2014 ، قرار جمهوري يقضي بتعيين سفير غير مقيم لدى سفارة منظمة مالطة ، هو السفيرة „وفاء أشرف بسيم“، في إشارة لحرص كبير وغير مفهوم من السيسي على إبقاء علاقات قوية ومتواصلة بين نظامه وتلك المنظمة المشبوهة. يبدو أن #السيسي يصر على تحقيق مقولته ، التي صرح بها في بداية إنقلابه : من أن كل „اللي ما يرضيش ربنا“ ، هو معه ، يدعمه ويؤيده!. نُشر هذا المقال أول مرة في ديسمبر 2014 ، وأعدت نشره بعد مذبحة مسجد نيوزيلنده في مارس 2019 ، بعد أن اعترف سفاح نيوزيلندا في بيان له ، أن المنظمة باركت ذبحه للمسلمين في المجزرة المروعة.

بقلم : شرين عرفة

  • Pages:
  • 1
  • 2(current)